ارتفاع منسوب الاعتداءات ضد مسلمي ألمانيا
ارتفاع منسوب الاعتداءات ضد مسلمي ألمانيا، أو ما يعرف بـ”الإسلاموفوبيا”، بات يطرح مخاوف جمة وقلقا كبيرا يعرقل الحياة اليومية لهؤلاء المسلمين.
وبحسب بيانات وزارة الداخلية الألمانية، فقد تم تسجيل وقوع 132 جريمة ضد المسلمين في الفترة بين شهري كانون الثاني/ يناير وآذار/ يناير 2019.
الوزارة أشارت إلى أن الرقم المذكور قد يكون أقل من عدد الحالات الفعلية، نظرا لاحتمال عدم التبليغ عن البعض منها، كما من المتوقع أن يرتفع الرقم عند إضافة الجرائم التي وقعت بالفترة الفاصلة بين شهري نيسان/ إبريل الماضي وحزيران/ يونيو الحالي.
يجمع خبراء أمنيون على أن الأرقام الرسمية لا تعكس حقيقة الأمر على أرض الواقع في ألمانيا، وذلك بسبب عدم تسجيل العديد من الجرائم في السجلات الرسمية، معربين عن قناعتهم بأن الأرقام الفعلية أعلى بكثير من تلك المعلنة.
ورغم عدم إعلان وزارة الداخلية بعد عن عدد الجرائم التي وقعت بين شهري نيسان/ إبريل الماضي وحزيران/ يونيو الجاري، إلا أن تقارير إعلامية تشير إلى أن عدد الاعتداءات التي تعرضت لها المساجد والجمعيات التابعة للأتراك، وصلت إلى 15 اعتداء خلال الفترة المذكورة.
وفي 6 كانون الثاني/ يناير الماضي، تعرض مركز “دورتموند” التعليمي التركي إلى اعتداء، أعقبه في اليوم التالي اعتداء آخر على جمعية جامع المعمار سنان في مدينة باد سايكينجن، التابع للاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية (ديتيب).
كما قام منفذ الاعتداء نفسه، بتوجيه عبارات مسيئة وشتائم تستهدف الإسلام والقائمين على جمعية جامع الفاتح بمدينة “بادن” الألمانية.
المحامية سدا باشاي، ذات الأصول التركية والقاطنة في مدينة فرانكفورت، تعرضت في 14 كانون الثاني/ يناير الماضي، إلى تهديدات من قبل مجموعة متطرفة في صفوف الشرطة الألمانية، حيث تلقّت رسالة تتضمن تهديدات وعبارات مسيئة لأفراد أسرتها.
وفي آذار/ مارس الماضي، شهدت الساحة المتاحة للعامة عند مدخل جامع الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية في مدينة “دانستاد”، كتابة عبارات مسيئة باللغة الألمانية.
وعند خروج المصلين من جامع الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية في مدينة “باكنانغ”، يوم 22 آذار/ مارس الماضي، قام شخص أربعيني بإلقاء سلام هتلر عليهم، ومن ثم توجيه العبارات المسيئة والعنصرية والشتائم للمصلين.
كما شهدت مدينة كولن التي يكثر فيها الأتراك، يوم 7 حزيران/ يونيو الجاري، توزيع منشورات تتضمن دعوة إلى ممارسة العنف ضد المسلمين، إضافة إلى رسوم للصليب المعكوف، رمز النازية، حيث وضعت المنشورات ضمن ظروف تم وضعها في صناديق البريد لسكان المدينة.
وفي عام 2018، بلغ عدد الاعتداءات المستهدفة للمسلمين في ألمانيا، 824 اعتداء، أصيب خلالها 33 شخصاً.
أساليب جديدة بات المعادون للإسلام يتوخونها مؤخرا، في الاعتداءات التي تستهدف المسلمين بألمانيا، تشير إلى انتقال معاداة الإسلام إلى أبعاد أخرى.
ففي الوقت الذي كان يتم فيه سابقاً رسم صليب معكوف على جدران المساجد، أو رمي لحوم خنازير في ساحات المساجد وأمام أبوابها، تحول تكتيك المعتدين إلى رمي أبواب المساجد بالرصاص أو إلحاق الضرر بها عبر تخريبها.
ويطرح تصاعد الاعتداءات ضد المسلمين والمساجد في ألمانيا، إلى درجة الدخول إلى المساجد وتخريبها، تساؤلات عما تنتظره السلطات الأمنية في البلاد، لاتخاذ تدابير تحول دون تكرار هذه الحوادث.
ويرى رؤساء الجمعيات الإسلامية في ألمانيا، أنه يتوجب على السياسيين التحرك لمنع وقوع هذه الحوادث.
وفي حديث للأناضول، انتقد رئيس المجلس الإسلامي في ألمانيا، برهان كسيجي، موقف الساسة المحليين إزاء الاعتداءات التي تستهدف المسلمين في البلاد وأماكن العبادة التابعة لهم.
واعتبر كسيجي أن خطابات الساسة الألمان تلعب دوراً كبيراً في تصعيد الاعتداءات والعداء تجاه الإسلام والمسلمين هناك، داعياً السياسيين إلى توخي الحذر في خطاباتهم.
وأشار إلى شعور المسلمين بالقلق نتيجة الاعتداءات المتزايدة خلال الأسابيع الأخيرة، مبيناً أن رؤساء الجمعيات المسلمة في ألمانيا يتواصلون معهم للتشاور في كيفية توفير الأمن والحماية للمسلمين، ومرافقتهم للتصدي لمثل هذه الاعتداءات.
وشدد كسيجي على ضرورة أن تساهم السلطات الأمنية الألمانية، في تأمين شعور المسلمين في البلاد بالأمن والاستقرار.
وحول توقعاتهم من الساسة الألمان، قال كسيجي إنهم ينتظرون منهم إجراء زيارات إلى المساجد، وتبادل الأفكار معهم بشأن التدابير الأمنية اللازمة اتخاذها، وسبل حماية المسلمين من الاعتداءات التي تستهدفهم.
وتابع: “ننتظر من المسؤولين لدى الحكومة الألمانية انتقادا شديدا للاعتداءات التي تستهدف المسلمين وأماكن عبادتهم في البلاد، وتأكيدهم على أن المسلمين جزء أساسي من المجتمع الألماني”.
من جانبه، وصف أيمن مازيك، رئيس مجلس المسلمين المركزي، الأعمال التي تستهدف تمزيق وتشويه المصاحف، بأنها “صورة جديدة من صور الفساد والإفساد.”
وشدد على أن الاعتداءات التي تستهدف المسلمين، تضر بالسلام الداخلي الألماني وبالديمقراطية في البلاد.
ودعا، في ختام حديثه، الشرطة الألمانية إلى حماية المساجد وتوفير الأمن فيها.