هل تتجه بنوك مصر لإصدار شهادات للمصريين بالخارج بعائد 30%؟

أثار قرار البنك المركزي المصري،بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، تحليلات وتقديرات متباينة حول الاتجاهات المحتملة للسياسة النقدية في المرحلة المقبلة، لكبح جماح التضخم.

وفي هذا السياق، نقلت تقارير محلية عن خبراء ومحللين مصرفيين توقعات بإمكانية طرح بنكي الأهلي ومصر شهادات جديدة بعائد أعلى، ربما تستهدف بشكل أساسي المصريين بالخارج.

وتوقع رئيس بنك التنمية الصناعية السابق ماجد فهمي، في تصريحات إعلامية له أخيراً، أن يتم طرح شهادات بعائد 30 بالمئة مخصصة للمصريين العاملين بالخارج، لتحفيزهم على التنازل عن الدولار والاستفادة من العائد المرتفع من الشهادات الإدخارية، وذلك بعد أن امتصت شهادات الـ 25 بالمئة السيولة داخل السوق المصرية.

لكن على الجانب الآخر، استبعد محللون آخرون إمكانية اللجوء إلى طرح شهادات جديدة في الوقت الراهن، لا سيما في ضوء استعداد الدولة لخطة الطروحات الحكومية بالبورصة، والتي من شأنها ضخ المزيد من السيولة، وكذا مع توجهات الدولة لتشجيع الاستثمار في البورصة. ورصدوا في تصريحات منفصلة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” اتجاهات وأدوات متباينة من شأنها المساهمة في مواجهة معدلات التضخم.

خطة الطروحات الحكومية

بداية، تستبعد خبيرة أسواق المال حنان رمسيس، إمكانية إتاحة شهادات جديدة ذات عائد مرتفع في المرحلة المقبلة، مشيرة في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى خطة الطروحات الحكومية التي يُمكن أن تتأثر سلباً حال طرح مثل تلك الشهادات. وتضمن تحليل رمسيس، عدداً من النقاط الأساسية:

  • المركزي على ما يبدو مكتفياً بالشهادات التي أتاحتها بنوك مصرية بفائدة 25 بالمئة للعائد السنوي، و22.5 بالمئة للعائد الشهري، والتي توقفت بنهاية شهر يناير الماضي
  • إذا لجأت البنوك إلى إصدار شهادات بعوائد أعلى في الفترة المقبلة فإن ذلك سيشكل تأثيراً سلبياً على عديد من القطاعات، بخاصة البورصة المصرية؛ لجهة أن المستثمرين سوف يلجأون لتلك الشهادات من أجل الاستفادة من عوائدها المرتفعة دون مخاطرة
  • هناك 20 شركة ضمن قائمة الطروحات الحكومية يتم الإعداد لطرحها في الفترة المقبلة للقطاع الخاص ومستثمرين استراتيجيين
  • الطروحات الجديدة المرتقبة توفر مدخولات مالية جيدة للدولة، وتعزز الموازنة العامة

وخالف البنك المركزي المصري، الخميس، اتجاهات البنوك العالمية، كما خالف توقعات عديد من المؤسسات المصرفية والمالية، معلناً عن الإبقاء على أسعار الفائدة كما هي دون تغيير، وذلك في أول اجتماع للجنة السياسة النقدية خلال العام 2023.

جاء قرار اللجنة بتثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 16.25 بالمئة و17.25 بالمئة و16.75بالمئة، على الترتيب. كما قرر البنك المركزي المصري تثبيت سعر الائتمان والخصم عند 16.75 بالمئة.

اتجاهات أسعار الفائدة

كما لا تتوقع المحللة المختصة بأسواق المال، اتجاه المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل في شهر مارس (الاجتماع الثاني في 2023)، موضحة أن رفع الفائدة بمعدل 800 نقطة أساس خلال العام 2022 كان لتجنب رفعها بمعدلات أكبر لاحقاً.

وتشير كذلك إلى أن حيثيات قرار المركزي بتثبيت أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية الأول هذا العام تشير إلى المؤشرات الاقتصادية التي بُني عليها القرار، من بينها ارتفاع الاحتياطي النقدي وإيرادات قناة السويس، وغيرها من المؤشرات الإيجابية.

وتعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري سبعة اجتماعات أخرى هذا العام، بعد اجتماع الخميس، وذلك في 30 مارس و18 مايو و22 يونيو و3 أغسطس و21 سبتمبر و2 نوفمبر و21 ديسمبر.

خطوة متوقعة

لكن الخبير الاقتصادي الدكتور السيد خضر، يعتقد بأنه مع اتجاه الفيدرالي الأميركي إلى رفع الفائدة -وإن كان بوتيرة أقل- واتجاه معظم البنوك العالمية لذلك النهج، في ظل قيادة الاقتصاد الأميركي، فإن البنك المركزي المصري ومع تثبيت سعر الفائدة قد يلجأ (عبر ذراعي تنفيذ سياساته النقدية، البنك الأهلي وبنك مصر) إلى إصدار شهادات جديدة بمعدلات فائدة مرتفعة بين 27 بالمئة و30 بالمئة، ضمن الأدوات المطروحة.

ويشدد على أن تلك الخطوة سيكون الهدف منها جذب السيولة والاستثمارات غير المباشرة، للسيطرة على معدلات التضخم.

لكنه يعتقد بأن ذلك يشكل سلاحاً ذو حدين بالنسبة للأسواق، نظراً لتأثيره على الاستثمارات في قطاعات مختلفة، لا سيما مع لجوء الأفراد إلى هذا النوع من الاستثمار الآمن بعيداً عن المخاطرة، وبما يؤثر على قطاعات أخرى مثل البورصة في ضوء غياب ثقافة الاستثمار في البورصة.

وعليه يتطلب ذلك -في تصور خضر- العمل على أكثر من مسار بشكل متوازٍ مع طرح شهادات ذات عائد مرتفع قد يصل إلى 30 بالمئة، من بين تلك المسارات تقديم تسهيلات وحوافز مصرفية للاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسط ومنح القروض لها بشكل ميسر، لتشجيع الاستثمار بتلك القطاعات، ومن ثم تحفيز الاقتصاد عموماً.

وعلى مدار العام الماضي 2022، رفع المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس لتصل إلى 17.25 بالمئة على الإقراض، و16.25 بالمئة على الإيداع. كما رفع نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لدى البنك المركزي بواقع 400 نقطة أساس في سبتمبر 2022.

امتصاص السيولة

من جانبه، يوضح رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، الدكتور خالد الشافعي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أنه من المستبعد في المرحلة الحالية إصدار شهادات بعائد أعلى، مردفاً: “لو كان هناك اتجاه لذلك لكان قد تم الإبقاء على شهادات الـ 25 بالمئة”.

وكانت شهادات الـ 25 بالمئة عائد سنوي و22.5 بالمئة عائد شهري قد ضخت ما يقارب الـ 500 مليار جنيه خلال شهر تقريباً منذ طرحها في الرابع من يناير الماضي وحتى إيقاف إصدارها بنهاية الشهر نفسه.

ويشير الخبير الاقتصادي المصري، إلى أن طرح الشهادات الإدخارية ذات العائد المرتفع الهدف الأساسي منه سحب السيولة وامتصاص القوة الشرائية (ضمن خطوات كبح جماح التضخم)، وهو ما حققته بالفعل شهادات الـ 25 بالمئة.

وحول التطورات المنتظرة بالأسواق المصرية مثل اجتماع لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية، والذي من المرجح أن يتم خلاله رفع الأسعار، فضلاً عن قرب حلول شهر رمضان الذي جرت العادة أن يطارد فيه التضخم المصريين مع ارتفاع الأسعار، ومدى تأثير تلك التطورات على معدلات التضخم وبالتالي على قرارات المركزي القادمة، يشير الشافعي إلى أنه يتعين على الحكومة عدم الإسراع بزيادة الأسعار من خلال تسعير المنتجات البترولية، بشكل لا يتحمله المواطن، لا سيما في ظل ضعف القدرة على السيطرة على الأسواق، في سياق استغلال التجار لتلك الزيادات لرفع الأسعار بنسب غير منضبطة.

ويرى أن تحمل الحكومة مرحلياً فارق الأسعار “أفضل من أن تصب العوائد في جيوب التجار الذين يغالون في رفع الأسعار بشكل كبير”.

مؤشرات إيجابية

وكانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، قد أشارت في بيان لها مساء الخميس، إلى عددٍ من المؤشرات المحلية المرتبطة بقرار تثبيت أسعار الفائدة، من بينها:

  1. تعافى النشاط الاقتصادي خلال الربع الثالث من 2022، ليسجل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 4.4 بالمئة مقارنة بمعدل 3.3 بالمئة خلال الربع الثاني
  2. استمرار معظم المؤشرات الأولية في تسجيل معدلات نمو موجبة، وإن كانت بوتيرة أبطأ، خلال الربع الرابع من 2022.
  3. من المتوقع خلال الفترة المقبلة أن يتبع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي وتيرة معتدلة خلال العام المالي 2022/2023 مقارنة بالعام المالي السابق وذلك قبل أن يعاود الارتفاع بعد ذلك.

وسجل معدل البطالة 7.4 بالمئة خلال الربع الثالث من 2022، مقارنة بمعدل 7.2 بالمئة خلال الربع السابق.

فيما ارتفع المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر ليسجل 21.3 بالمئة في ديسمبر 2022، واستمر الاتجاه التصاعدي للمعدل السنوي للتضخم الأساسي ليسجل 24.4 بالمئة خلال ذات الشهر. بينما سجل المعدل السنوي للتضخم العام 18.7 بالمئة في المتوسط خلال الربع الرابع من 2022.

 

المصدر: عربية sky news

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى