في ذكرى مقتل خاشقجي .. لماذا لم تتدخل تركيا لإنقاذه ؟
عام مضى على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول من قبل عدد من المسؤولين الأمنيين في المملكة العربية السعودية خلال محاولة إقناعه بالعودة الى البلاد .
ولا تزال الحكومة التركية بين الحين والآخر تقوم بتسريب معلومات تم الحصول عليها من داخل القنصلية السعودية في اسطنبول حول حادثة القتل ، وما تلاها من عملية لإخفاء الجثة – بحسب الحكومة التركية –
وهنا لا بد بعد عام كامل على الحادثة من طرح العديد من الأسئلة التي لم يتم التطرق لها من قبل
لماذا تقوم تركيا بنشر تفاصيل الحادثة بالقطارة ؟
لا يخفى على أي متابع للأحداث السياسية حالة العداء السياسي بين تركيا المؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين ، والمملكة العربية السعودية المعادية لهم .
ولم يكن من الممكن أن تمر حادثة كمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي دون أن تستغله الحكومة التركية أفضل إستغلال لتشويه سمعة المملكة العربية السعودية .
وإن كانت السلطات السعودية مسؤولة بشكل أو بآخر عن الفريق الذي قام بقتل الصحفي السعودي كونه يعمل تحت إشرافها ، الا أن الطريقة التي اتبعتها تركيا في تسريب المعلومات حول الحادثة رغم إمتلاكها – حسب إدعائها – كامل التفاصيل منذ اللحظات الأولى لا يخلو من الكيد السياسي ، ومحاولة إبقاء القضية قيد التداول الإعلامي لأطول فترة ممكنة ، عبر تعمد تسريب معلومات ضئيلة عن الحادثة بين الحين والآخر .
والسؤول الثاني لماذا لم تتدخل تركيا لإنقاذ خاشقجي ؟
من الواضح أن المخابرات التركية كانت تتنصت ومنذ وقت طويل على القنصلية السعودية في اسطنبول ، كما كانت تراقب أجهزة الإتصال الشخصية للعاملين في السفارة ، وهذا ما كان واضح من خلال إعلان تركيا عن إمتلاكها تسجيلات لوقت الحادثة ، اضافة الى الإتصالات التي أجراها الفريق المسؤول عن مقتل خاشقجي خلال وبعد وقوع الحادثة .
وعليه فإن المخابرات التركية إن لم تكن تعلم بوصول الفريق المسؤول عن إعادة خاشقجي الى السعودية قبل وصوله ، فإنها بالتأكيد كانت تتنصت على ما حدث بعد وصول خاشقجي الى القنصلية .
وبحسب التسريبات التي تطالعنا بها الصحافة التركية بين الفينة والأخرى ، فإن الوقت بين وصول خاشقجي الى القنصلية ومقتله ، تتجاوز الربع ساعة ، وكان يكفي لإتصال واحد من مسؤول تركي لـ القنصلية السعودية وإبلاغهم بمعرفة ما يدور داخلها أن ينقذ حياة خاشقجي ، الا أن أي من ذلك لم يحدث ، ومن الواضح أن المخابرات التركية كانت تسعى للحصول على أكبر قدر من التفاصيل لإدانة السعودية فيما بعد خلال الإعلان عن مقتله , بغض النظر عن مصيره .
هل من حق تركيا التجسس على القنصلية السعودية ؟
في زحمة الأخبار التي تناولت قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي ، ضاعت الكثير من التفاصيل المتعلقة بالقضية ، منها قيام المخابرات التركية بالتجسس على القنصلية السعودية في اسطنبول ، وهو ما يعتبر مخالفة دبلوماسية واضحة للأعراف الدبلوماسية الخاصة بالبعثات الدبلوماسية .
فـ السفارات والقنصليات تعتبر جزء لا يتجزء من سيادة الدولة التي تمثلها ، والتجسس عليها هو تجسس على الدولة بحد ذاتها !
وأغلب الظن أن السعودية لم ترغب في طرح الموضوع في الوقت الراهن حتى لا تتهم بمحاولة التشويش على مقتل الصحفي السعودي عبر إثارة موضوع تجسس تركيا على قنصليتها ، الا أن موضوع كهذا لا يستقط بالتقادم ، ويمكن للسعودية في أي لحظة اثارة الموضوع من جديد ومطالبة الجانب التركي بإيضاح هذه النقطة .
هل تركيا أحق بخاشقجي من عائلته ؟
تسعى تركيا جاهدة لمحاولة تدويل قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عبر الأمم المتحدة رغم إعتراض الدول الأعضاء في مجلس الأمن ، فهل حقاً ترغب تركيا في الإقتصاص من المجموعة التي قامت بقتله ، أم أنها ترغب في إستغلال الموقف سياسياً لـ الضغط على السعودية ؟
وعلى الرغم من إعلان السعودية إعتقال الفريق الذي قام بتنفيذ العملية ، وكل من له علاقة بها ، والبدء بمحاكمتهم ، الا أن تركيا تبقى تشكك في هذه الخطوة ، وتطالب بمحاكمتهم على أراضيها رغم أن هذا غير ممكن قانونياً ، كون الجريمة وقعت داخل القنصلية السعودية .
فعلى الرغم من أن القنصلية تقع على الأراضي التركية ، الا أنه ووفقاً لإتفاقية التبادل الدبلوماسية بين الدول فإن القنصلية تعتبر أرض سعودية ، وما يحدث داخلها هو شأن داخلي سعودي ، وهو ما يعني أن محاكمة قتلة خاشقجي يجب أن يتم في السعودية لا في تركيا .
وسبق أن أكد صلاح خاشقجي نجل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في بيان نشره عبر صفحته في تويتر بأنه لن يقبل أن تستغل ذكرى رحيل والده للنيل من بلده، مؤكدا أنه سيبقى وفيا للسعودية وقيادتها “كما كان جمال” ، وهو ما يعني إداركه التام لمحاولة إستغلال القضية سياسياً ، بعيداً عن الرغبة الحقيقة في تحقيق العدالة .