فرحة “سبت النور” قاتمة.. هذه إجراءات الاحتلال لتقييد احتفالات المسيحيين بالقدس

القدس المحتلة ـ منذ ساعات الصباح الباكر اتجهوا نحو البلدة القديمة في القدس آملين الوصول إلى كنيسة القيامة التي تتم فيها أحد أعظم طقوس الديانة المسيحية خلال عيد الفصح وهو “سطوع النور المقدس من قبر السيد المسيح عيسى عليه السلام” وفق اعتقادهم.

وبخروج النور المقدس من القبر بعد دخول البطريرك إليه لأداء الصلوات وانتظار سطوعه تصدح حناجر المسيحيين، ويتبارك المصلون بإشعال الشموع التي يحملونها قبل أن تبدأ رحلة النور إلى المدن الفلسطينية والعالم من خلال مندوبي الطوائف.

ويدفع مسيحيو العالم مبالغ طائلة في سبيل الوصول إلى القدس للمشاركة في هذه الشعائر الدينية التي تتم في “سبت النور”، لكن سلطات الاحتلال قررت هذا العام كما الأعوام السابقة تنغيص فرحة عيد الفصح المسيحي بالإعلان عن إجراءات تقيد الاحتفالات وتمنع المسيحيين من الوصول إلى كنيسة القيامة وساحتها، وتحديد عدد من سيسمح لهم بذلك بـ1800 شخص فقط.

قبلة الحجاج المسيحيين

لغات كثيرة تتردد على مسامع كل من يصل البلدة القديمة في هذا اليوم بالإضافة إلى لهجات فلسطينية عديدة، فكل من ينتمي للطوائف الشرقية وصل ليحتفل بـ”سبت النور” لكنه منع من ذلك قسرا.

وقد نشرت شرطة الاحتلال عشرات الحواجز داخل البلدة القديمة ومحيطها، واعتدت على المصلين المسيحيين ومنعتهم من اجتيازها للوصول إلى كنيسة القيامة، وأمام حاجز نُصب عند باب الجديد (أحد أبواب البلدة القديمة) التقت الجزيرة نت بالمقدسي رامي صالح الذي حاول الوصول إلى كنيسة القيامة من هناك بعد إخفاق محاولته في الوصول إليها في ساعات الصباح الباكر من جهة باب الخليل.

قال هذا الشاب غاضبا إنه استفسر من الشرطة الإسرائيلية عن سبب منعه من الدخول إلى كنيسة القيامة بينما يُفسح المجال للمستوطنين للوصول إلى حائط البراق لأداء صلواتهم فجاءته الإجابة بأن هؤلاء ذاهبون إلى “حائط المبكى لا الكنيسة” وأن عليه التوجه إلى الباب الجديد.

ولم تنجح محاولات صالح في الوصول إلى الكنيسة، وفي تعقيبه على ذلك قال “مسيحيو القدس هم الشهود الأوائل على قيامة السيد المسيح ومنعهم من الوصول إلى الكنيسة مجحف ويتعارض مع مبدأ حرية العبادة، وادعاء الشرطة بأن الكنيسة لا تتسع لآلاف المصلين باطل وعار عن الصحة”.

رئيس اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين الدكتور رمزي خوري استهل حديثه للجزيرة نت بالقول إن القيود المتكررة التي يفرضها الاحتلال على المصلين المشاركين في سبت النور ستجر المنطقة إلى مزيد من العنف، مضيفا أنه من غير المقبول بتاتا أن يحدد الإسرائيليون أعداد المسيحيين المحتفلين بعيدهم لأن في ذلك تقييد لحرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية وهو الحق الذي يكفله القانون الدولي والإنساني.

وعند سؤاله حول ما وراء تقييد أعداد المحتفلين بسبت النور وما إذا كان فرضها يرجع لخشية الاحتلال من القوة العددية المسيحية أو المسلمة داخل البلدة القديمة بالقدس، قال خوري إن هذه الإجراءات تهدف فقط لفرض مزيد من السيطرة على المدينة والإصرار على تهويدها عبر رفض التنوع.

وتابع “هذه الإجراءات هي مجرد حجج واهية والاحتلال يعلم أن لكنائس القدس شبابها ومجموعاتها الكشفية، وتقع على عاتق هؤلاء مسؤولية تنظيم الاحتفالات في كافة الأعياد، وترتيبات سبت النور داخل كنيسة القيامة وخارجها دور حصري تمارسه الكنائس ولا يحق للشرطة الإسرائيلية التدخل في الشؤون الداخلية والترتيبات الخاصة بنا”.

شعار مُزيّف

وفنّد الدكتور رمزي خوري ادعاءات الاحتلال التي تقول إن ما تم فرضه من إجراءات يهدف لتوفير “عبادة آمنة”، قائلا إن ذلك لا ينطبق سوى على المصلين الوافدين إلى المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة، أما المستوطنين فيسخر الاحتلال كافة الإمكانيات لهم مهما كانت أعدادهم كبيرة.

ويرى خوري أن هذه الممارسات الاحتلالية في المدينة المقدسة ترمي لتهجير أكبر عدد ممكن من السكان خاصة المسيحيين، داعيا أبناء المدينة من المسيحيين والمسلمين لعدم الرضوخ للإجراءات الرامية لتغيير الوضع التاريخي والجغرافي والديمغرافي للمدينة.

وعلى صعيد التحرك ضد المحاولات المتكررة لإفشال أحد أعظم احتفالات المسيحيين في القدس، قال خوري إن اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين خاطبت كافة كنائس العالم ووضعتهم في صورة التطورات التي وصفها بالخطيرة، والتي تؤثر على الوجود المسيحي في الأراضي المقدسة وخاصة في مدينة القدس.

واعتبرت بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس في بيان صدر عنها أن القيود التي تحاول الشرطة الإسرائيلية فرضها على مراسم سبت النور المقدس بناء على توصيات صادرة عن “مهندس أمن ينتمي إلى الكنيسة”، هي توصيات خاطئة ومُضللة وترفضها البطريركية التي “تتطلع إلى الاحتفال بمراسم يوم سبت النور المقدس والقيامة لسيدنا المسيح مع المؤمنين والحجاج من قريب وبعيد، كما فعلت ذلك بأمان لقرابة ألفي عام”.

وتعيد مشاهد احتجاز المسيحيين خلف حواجز الاحتلال داخل البلدة القديمة ومحيطها إلى الأذهان التضييق على المصلين المسلمين الوافدين إلى الأقصى خلال الأيام الماضية، ومنعهم من الوصول إلى هذا المقدس خاصة خلال احتفال المستوطنين بعيد الفصح اليهودي عبر تنفيذ اقتحامات جماعية للمسجد.

ولم يكن المشهد داخل أولى القبلتين أقل قتامة إذ اقتحمت قوات الاحتلال المسجد بأعداد كبيرة لليلتين متتاليتين بهدف إفراغه من المعتكفين، واعتُقل وأصيب خلال الاقتحام أكثر من 450 فلسطينيا بهدف توفير اقتحام آمن للمتطرفين.

 

المصدر : الجزيرة

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى