تيفو “طال الإنتظار” أعاد التارخ و خطف القلوب
ديربي الإخوة الأعداء كما يحلو للأنصار تسميته، بين الغريمين الرجاء والوداد البيضاويين، في ذهاب دور الستة عشر لكأس محمد السادس “دوري أبطال العرب”، والتي جرت أطوارها على أرضية المركب التاريخي لمدينة الدار البيضاء، محمد الخامس، والذي انتهى متعادلا بهدف لكل منهما، لم يخلوا من الإثارة والندية التي طبعت المدرجات الشمالي والجنوبي، وجلعت العالم كله يقف مندهشا و منبهرا لما صنعته أيادي أيقونات الإلتراس المغربي.
تيفو الوداد الرياضي خطف الأنظار مبكرا، وجعل الكاميرات وعدسات المصورين تركز عليه أكثر من أي شيء آخر، تيفو باللغة العربية “طال الانتظار” ، وآخر لتنين يحمل كأس العرب، رفعوهما بطريقة غاية في الروعة والإتقان، دون أي أخطاء تذكر، يحملان العديد من الرسائل المشفرة لخصوم الفريق الأحمر.
ويظهر على المدرج الشمالي للوينرز، (أحد أفضل فصائل الإلتراس عالميا)، “تنين” باللون الأحمر تخرج من فمه الضخم نار حارقة، يحمل بين يديه الكأس التي تريدها الجماهير أن تكون من نصيب فريقهم هذا العام، هذا المجسم الضخم تحيط به الشهب النارية التي أشعلت الملعب، وجعلت المركب الرياضي محمد الخامس يظهر في مشهد خرافي إستثنائي، صفق له الحاضرون طويلا.
لكن التيفو الأهم والذي صنع الحدث عالميا، هو الذي كتب باللغة العربية، كلمتي “طال الانتظار” و لاعب يجلس على كرة، في إشارة إلى المباراة التي طال انتظارها والتي لم تكتمل حتى اليوم، تلك الحادثة المرتبطة تاريخيا بانسحاب الرجاء الرياضي من إحدى الديربيات أمام الوداد الرياضي.
المشهد المميز تعود واقعته إلى عام 1978 عندما انسحب لاعبو الرجاء الرياضي من مباراتهم أمام خصمهم الوداد الرياضي بطلب من لاعبهم امحمد فاخر، وكانت النتيجة تشير إلى تفوق الوداد الرياضي المغربي بثلاثية نظيفة في الشوط الأول فقط، قبل احتساب ركلة جزاء لمصلحة الوداد وطرد نجيب مخلص حارس مرمى الفريق الأخضر، مما أثار غضب لاعبي فريق الرجاء الذين هددوا بالانسحاب وانسحبوا بعدها ولم يكملوا اللقاء إلى اليوم، ومنذ ذلك الحين وجماهير الأحمر تطلب إكمال الشوط الذي طال إنتظاره لسنوات عديدة.
تفاصيل المشهد يظهر فيه لاعب بقميص الوداد الرياضي المغربي، وهو يجلس على الكرة، في تكرار لما فعله البيتشو عندما انسحب لاعبو الرجاء من الديربي، بحيث أن تلك المواجهة التاريخية التي ما تزال آثارها إلى اليوم، أجج غضبها هذا الأخير، أي اللاعب شكري نجم الوداد في ذلك الوقت، والذي قدم نفسه لتسجيل ضربة الجزاء على فريقه السابق، فاللاعب الملقب “بيتشو”، كان لاعبًا في صفوف الرجاء الرياضي قبل انتقاله إلى الغريم التقليدي الوداد الرياضي، مما تسبب في احتقان جماهيري كبير.
وجلس بيتشو على الكرة ساخرا في انتظار أن يحسم لاعبو الرجاء موقفهم، لكنهم انسحبوا ولم تكتمل المباراة، انسحبوا بالفعل من المواجهة عكس المتوقع، ومنذ ذلك الحين أضحى هذا مشهد (الانسحاب) ملازما لجماهير الرجاء، و أصبح حدثا تاريخيًا تستغله الجماهير المغربية عند كل مواجهة مع الرجاء، وصورة خاصة تتداولها جماهير الوداد الرياضي تذكر بها الأجيال، وتضغط بها على جماهير “المكانة” على مدار عشرات السنين.
جماهير الوداد الرياضي وبعبارة “طال الانتظار” تكون قد ردت وفي الوقت المناسب على استفزازات جماهير الرجاء الرياضي، بعد عدم إكمال الوداد المغربي مباراته أمام الترجي التونسي في نهائي النسخة الأخيرة من دوري أبطال أفريقيا، فيما بات يعرف تاريخيا بموقعة رادس والتي لم يعرف بطلها إلى اليوم.