ترامب وإسرائيل.. دعمٌ مستمر أم بداية لصراعات جديدة؟
مع بدء ولاية دونالد ترامب الجديدة، عادت السياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط إلى واجهة النقاش، حيث تشير تحركات ترامب وخطابه إلى استمرارية الدعم القوي لإسرائيل، لكن مع توجهات قد تحمل في طياتها الكثير من التعقيد والغموض. فما الهدية التي قدمها ترامب لإسرائيل في أول أيام ولايته الجديدة؟ وكيف ستؤثر على المنطقة؟.
“أميركا أولاً”… ولكن لصالح من؟
منذ توليه منصبه، أكد ترامب على أولوياته الداخلية من خلال شعار “أميركا أولاً”. ولكن، كما يشير المحلل السياسي عماد الدين أديب، خلال حديثه لغرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية فإن “إسرائيل تبدو المستفيد الأول من هذه السياسة الخارجية التي تتسم بالبراغماتية والانتهازية”.
ترامب، الذي لم يتطرق في خطابه إلى قضية غزة أو تبادل الرهائن، بدا وكأنه يضع الضفة الغربية في مرمى الأحداث القادمة. وفق أديب، فإن “تجاهل هذه القضايا الحساسة يشير إلى نيّة ترامب الاستمرار في دعم المشاريع الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك توسيع المستوطنات وتقويض أي فرص حقيقية لحل الدولتين”.
الضفة الغربية.. ثمن الهدنة في غزة؟
يُثار سؤال رئيسي في أروقة السياسة الإسرائيلية والفلسطينية: هل أصبحت الضفة الغربية الساحة الجديدة لتصفية الحسابات؟
يرى أديب أن “اليمين الإسرائيلي يستغل مزاجا سياسيا متشددا نشأ بعد أحداث 7 أكتوبر 2023 لدفع مشاريع الضم ومحو فكرة حل الدولتين من المعادلة تمامًا”.
على الجانب الآخر، يشير موفق حرب، محلل الشؤون الأميركية، في سكاي نيوز عربية، إلى أن “ترامب لا يريد مواجهة كبرى في الشرق الأوسط الآن. لكنه يتيح لإسرائيل مساحة للمناورة طالما أن مصالحه الشخصية أو السياسية غير مهددة”.
ترامب ونتنياهو.. علاقة معقدة ومصالح متبادلةتر
تظهر العلاقة بين ترامب ونتنياهو تداخلًا معقدًا بين المصالح السياسية والشخصية. بينما يسعى ترامب لتعزيز إرثه السياسي عبر تحقيق إنجازات كبرى مثل التطبيع بين السعودية وإسرائيل، يجد نتنياهو نفسه محاصرًا بضغوط داخلية تشمل تحقيقات قانونية واستقالات عسكرية، مما يضعه بين المطرقة والسندان.
يشير أديب إلى أن “مصالح نتنياهو الشخصية تتفوق على الأمن القومي الإسرائيلي، مما يجعله أكثر استعدادًا لتقديم تنازلات داخلية أو خارجية للحفاظ على بقائه السياسي”.
التطبيع والسلام.. هل يمسك ترامب مفتاح حل الدولتين؟
رغم الحديث المتزايد عن إمكانية تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، يرى المحللون أن الطريق إلى ذلك معقد. وفق موفق أديب، فإن “السعودية لا يمكنها اتخاذ خطوة كبيرة نحو التطبيع في ظل وجود حكومة إسرائيلية لا تبدي جدية في تحقيق السلام”.
في هذا السياق، يُظهر ترامب حرصًا على استغلال هذا الملف لإبراز نفسه كوسيط دولي. لكن حرب يشير إلى أن “الأحداث الأخيرة، وخاصة في غزة والضفة الغربية، عطّلت أي حوار جاد حول السلام، مما يجعل الحديث عن حل الدولتين أقرب إلى الخيال”.
التحديات الإقليمية.. أزمات اقتصادية ومعضلات سياسية
بعيدًا عن السياسة، تواجه المنطقة تحديات اقتصادية هائلة تتطلب إعادة إعمار دول مثل غزة وسوريا ولبنان بتكاليف تُقدر بمئات المليارات.
هذه الأرقام الضخمة، كما يشير أديب، تثير تساؤلات حول من سيتحمل هذه الأعباء في ظل تراجع الدعم الدولي وغياب رؤية واضحة من قبل إدارة ترامب.
في نهاية المطاف، تبدو هدية ترامب لإسرائيل محاطة بالكثير من الجدل. قد تكون بداية مرحلة جديدة من التحالفات السياسية والمكاسب الإسرائيلية، لكنها أيضا قد تكون شرارة لصراعات جديدة تهدد استقرار المنطقة. ومع تعقيد المشهد الدولي والإقليمي، يبقى السؤال:
هل يستطيع ترامب إدارة هذه الملفات المعقدة دون التسبب في أزمات جديدة؟
المصدر – سكاي نيوز