تحركات في جيبوتي وإريتريا.. حصار مصري يهدد بشل اقتصاد إثيوبيا

وزير الخارجية المصري: حوكمة البحر الأحمر شأن أصيل للدول المشاطئة له

كشف سياسيون وبرلمانيون إثيوبيون خلال الأيام الماضية عن وجود قلق في بلادهم من تحركات مصرية في جيبوتي وإريتريا، وصفها البعض منهم بأنها تستهدف أي تواجد إثيوبي على ساحل البحر الأحمر.

وزاد من القلق الإثيوبي خروج تصريحات لوزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، أكد فيها أن حوكمة البحر الأحمر تظل شأناً أصيلاً وحصرياً للدول المشاطئة له، باعتبارها المعنية بالحفاظ على أمنه واستقراره واستدامة موارده، وبما يعزز المصالح المشتركة لشعوبها، ويكرس مبدأ الملكية الإقليمية في إدارة شؤونه.

وفي خطوة زادت من القلق الإثيوبي، بدأت القاهرة في تحركات مع جيبوتي وإريتريا لمنع أي تسلل إثيوبي إلى البحر الأحمر أو خلق منفذ لأديس أبابا عليه.

وفي رده على نواب مجلس الشعب الإثيوبي حول عدم وجود موانئ لإثيوبيا، قال رئيس الوزراء آبي أحمد، إن هذه القضية ذات أبعاد قانونية وتاريخية وجغرافية واقتصادية متشابكة، مشدداً على أن فقدان إثيوبيا لمينائها البحري – يقصد ميناء عصب في إريتريا الذي سيطرت إثيوبيا من خلاله على أكثر من 2000 كيلومتر على ساحل البحر الأحمر وفقدته بعد انفصال إريتريا، تم بطريقة لا تستند إلى أي أساس قانوني أو مؤسسي، ومعتبراً أن معالجة هذه المسألة تمثل جزءاً من المصلحة الوطنية العليا للبلاد.

وتزامنت مع تلك المخاوف الإثيوبية تحركات مصرية لتأمين وإدارة موانئ في إريتريا وجيبوتي بما لا يسمح بأي فرصة لتواجد إثيوبي بها.

وبدأت هذه التحركات قبل شهور قليلة، حيث استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رئيس إريتريا أسياس أفورقي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وخلال اللقاء أكد السيسي التزام مصر الثابت بدعم سيادة إريتريا وسلامة أراضيها.

وتضمن اللقاء التأكيد المصري على أهمية تعزيز التعاون لضمان أمن البحر الأحمر، وعدم التأثير على الملاحة في هذا المجرى الملاحي الحيوي، حيث شدد السيسي على ضرورة تكثيف التنسيق بين مصر وإريتريا، وكذلك مع الدول العربية والأفريقية المشاطئة، بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الهامة.

لكن مصر لم تتوقف عند إريتريا بل سبقتها بتحركات مماثلة في جيبوتي التي كانت منفذاً بحرياً لإثيوبيا من خلال ميناء دوراليه.

وبدأت مصر تنفيذ تفاصيل الاتفاق الذي جرى بين الرئيس المصري ونظيره في جيبوتي خلال زيارة السيسي لها في أبريل (نيسان) الماضي.

وخلال تلك الزيارة، تم الاتفاق على تنفيذ مشروعات في جيبوتي يقوم بها الجانب المصري، منها مشروع توسعة محطة طاقة الرياح في منطقة جوبيتي، وإنشاء محطة للطاقة الشمسية في ميناء الحاويات بميناء جيبوتي، وتوسعة ميناء الحاويات في ميناء دوراليه، والأخير هو ميناء حيوي جداً كان يعتبر منفذاً بحرياً لإثيوبيا نحو البحر الأحمر.

التوجه المصري لتوسعة وتنفيذ مشروعات في ميناء دوراليه ليس مجرد صفقة أو تعاون مصري جيبوتي، بل ضربة قاصمة وجهتها القاهرة إلى أديس أبابا، خاصة أنها تزامنت مع استمرار الخلافات حول سد النهضة.

وفي هذا السياق، يقول اللواء محمد عبدالواحد، المتخصص في الأمن الإقليمي، لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” إن مصر تحركت لإدارة ميناء دوراليه الاستراتيجي في جيبوتي، وهو ميناء مهم جداً لأن إثيوبيا تعتمد عليه في نقل واستقبال 95% من حجم تجارتها وصادراتها.

وأضاف أن القرار المصري جاء في ظل توترات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة والوضع في الصومال وأمن القرن الأفريقي، ما دفع مصر للتحرك في أبعد عمق استراتيجي، مشيراً إلى أن هذه الخطوة لها دلالات عديدة، أهمها أن مصر تستهدف حماية أمنها القومي وأمن البحر الأحمر، لا سيما أن ميناء دوراليه يقع شمال جيبوتي وبالقرب من مضيق باب المندب، ما يعني تواجداً مصرياً قريباً من المضيق لحماية الملاحة البحرية في قناة السويس والبحر الأحمر من هجمات الحوثيين.

وتابع أن الخطوة تهدف كذلك إلى الحصول على نفوذ مباشر على حركة الشحن العالمية، وتمنح مصر القدرة على مواجهة التهديدات البحرية في المنطقة، وتحقق لها ضغطاً استراتيجياً على إثيوبيا. كما يمنح القاهرة ورقة تفاوضية كبيرة في ملف سد النهضة، موضحاً أن مصر كانت تتفاوض سابقاً بدون أوراق ضغط، في حين كانت إثيوبيا تملك أوراقاً تفاوضية جعلتها تواصل التعنت لتحقيق أهدافها.

وأضاف اللواء محمد عبدالواحد أن الخطوة مهمة لحصار إثيوبيا وخنق تجارتها وممارسة ضغط اقتصادي مباشر وغير مباشر على أديس أبابا، كما توسع النفوذ الإقليمي لمصر وتربط بين موانئها وموانئ أفريقيا ما يعزز اقتصادها.

وقال إن الدلالة العسكرية والأمنية لهذه الخطوة مهمة، “فمصر سيمكنها وضع قاعدة عسكرية في جيبوتي، والتعاون في أمن الطاقة، وإنشاء محطات طاقة شمسية ورياح، وتأسيس مجلس أعمال مصري، وكلها مشروعات جيدة تعيد رسم التوازن الاستراتيجي، وتعزز دور مصر كقوة كبيرة في المنطقة”.

من جانبه، قال مجيد بوزن، أستاذ القانون الدولي بفرنسا، لـ”العربية.نت و”الحدث.نت” إن القانون الدولي يتيح للدول التعاون فيما بينها في ملف إدارة الموانئ البحرية، وتسهيل التعاون البحري، ولذلك يمكن لأي دولة تأجير موانئها أو مرافقها البحرية لدولة أخرى على أن تبقى السيادة للدولة التي تقوم بالتأجير. وأضاف أن القانون يسمح لمصر أن يكون لها قواعد بحرية أو تواجد في موانئ الدول الأخرى، طالما كان هناك اتفاق مشترك على ذلك.

وأضاف أن هناك دولاً عديدة لها اتفاقات مماثلة مع جيبوتي، منها فرنسا وأميركا والصين وإيطاليا، ولها تواجد في باب المندب، وبالتالي وجود مصر وهي دولة كبيرة ولها تواجد على ساحل البحر الأحمر في جيبوتي وباب المندب أمر طبيعي ومنطقي لا يغضب أحداً.

وأوضح أن من مصالح مصر الاستراتيجية أن يكون لها تواجد بالقرب من باب المندب ومجرى الملاحة الدولية حتى لا يتم إقفال المضيق، ومن ثم التأثير على حركة الملاحة الدولية وقناة السويس.

المصدر – العربية

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى