المرأة من التحرر إلى الثورة العكسية!!
لقد هيمنت المرأة اليوم على جميع المجالات عبر العالم، فأضحت عنصرا مهما داخل المنظومة العالمية التي كانت إلى عهد قريب حكرا على الرجال، فالمرأة بثورتها التي أحدتتها مؤخرا باتت باسطة دراعيها على العالم تتحكم في دواليبه وتصدر القرارات الكبرى التي تحدد مصيره، مغيرة بذلك الخريطة الذكورية التي رسمها الرجال منذ ظهور البشرية، فهي لم تعد تقبل بالبديل في الحياة، أو الإلتزام بالمنزل كما كانت من قبل.
فمنذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها بما لها وما عليها، تغير وضع العالم من عالم ذكوري إلى آخر بسطت عليه المرأة سيطرتها بمختلف المجالات، السياسية منها والإقتصادية والإجتماعية والثقافية وحتى الرياضية تسييرا ومشاركة، والسبب في ذلك يعود بالأساس إلى رغبة هذه الدول الأوربية التي تكبدت خسائر بشرية كبيرة، في تجاوز العجز الذكوري الذي طال مجتمعها، حيث فقد الأوروبيون معظم رجالهم في الحربين العالميتين.
فبعدما كان دور المرأة لا يتعدى العمل داخل المطبخ وتربية الأبناء، بات اليوم من الضروري خروجها للعمل إلى جانب الرجل في المزارع والمصانع، والإدارات والشركات والقطاع العام وغيرها من المناصب القيادية الحساسة، ولم تكتفي بالعمل فقط بل وأبانت على علو كعبها مقارنة بالرجال، تفاني في العمل وسلاسة في التعامل، حتى أضحت من ألأولويات التي يعتمد عليها في كل الأعمال.
فالمرأة باتت صانعة القرار، تقرر ما يجب أن تكون عليه الأوضاع، بدأت ترسم لنفسها خارطة جديدة تحررها من سيطرة الرجل في مجتمع ذكوري، فكانت مطالبتها بالحرية والاستقلالية أولى بوادر الثورة النسائية التي حققت لها مكاسب مهمة، فأضحت بذلك المرأة الأوروبية سباقة إلى التحرر والإنفتاح ثم مشاركة الرجال ومخالطتهم، إنها اكثر تحررا من غيرها، لها الإستقلال المادي وقانون يحميها، ما جعلها تستغني عن الرجل تدريجيا حتى وصلت في بعض الدول إلى الإكتفاء بالذات فقط دون الحاجة إلى الرجل، رافضة بذلك كل القيم المجتمعية التي كانت سائدة من قبل، فهي لم تعد تفكر بالزواج بقدر تفكيرها في تكوين نفسها وإحداث ثورة تجعلها في قمة الهرم لا أسفله كما كانت من قبل.
فإلى جانب منافسة الرجل في كل شيء، سيطرت على الأسرة ككل ماديا وغير ذلك،وباتت المرأة مجرد مادة مجردة من كل أنوثتها وخصوبتها، فوجدت أوروبا نفسها أمام عنوسة كبيرة بين صفوف النساء، كما إرتفع بذلك معدل الشيخوخة إلى أعلى معدلاته، وهذا ما شكل خطرا على المجتمعات الغربية التي تعاني خللا كبيرا في بنية الهرم السكاني، وذهب بعضهم الى التنبىء بزوال العنصر اللفتي الأوروبي إذا استمر الوضع على ما هو عليه اليوم، ما فتح باب الهجرة الأوروبية أمام دول العالم الثالث وشجعت عليه معظم الدول الأوروبية.
وأمام هذا التحول الكبير وصورة العالم الذي تشكل بأنامل النساء بعد نجاح ثورتهن، وما رافق الإمبريالية العالمية لدول العالم الثالث من عدوى لنساء هذه الدول، باتت نساء هذا العالم تردن التحرر والسير قدما في سبيل تحقيق الحقوق والحريات التي حصلت عليها المرأة الأوروبية، ومعها تزايد مطالب الحقوقيون والجمعيات، بضرورة تحرير المرأة من قيود المجتمع بدول العالم الثالث كما تسميه دول الغرب، وهي في الحقيقة ليست قيودا بل سياجا يحميها من دوالب العالم.
لقد خرجت نساء العالم الثالث دون فهم وإدراك لمطالبهن مقلدات الأوروبيات، دون علم بالظروف والأسباب التي جعلت المرأة الغربية تكون في هذه المرتبة، وغير متسلحات بالفكر والثقافة اللازمين لفهم الحريات والحقوق التي حصلن عليها، فكان الإنحراف طريق أغلبهن.
خروج وبعد سنوات من النضال وتأسيس الجمعيات، تحقق وأضحى واقعا حتى بدول العالم الثالث الذي ولد بعد الإستقلال المزيف، فأصبحت المرأة بأفريفيا والعالم العربي ودول آسيا تتقلد مختلف مراكز القرار، وتتربع على عروش المناصب القيادية الحساسة، تنافس الرجل، وتزاحمه في كل شيء، حتى حصل إختلال على غرار دول أوروبا سواء كان ذلك على المستوى الديمغرافي، وكذا إنتشار العنوسة.
فشعوب هذا العالم المثقل بالهزاءم والويلات، بات نموه الديمغرافي في تراجع مخيف وتحول المجتمع إلى مجتمع إنحلال أخلاقي وخلقي، أخفق في جميع مناحي الحياة وكرس هيمنة المرأة، التي استفردت ببعض المناصب.
إن تركيزي على أن خروج المرأة للعمل وما يعيشه المجتمع من ويلات مرده بالأساس الى أن المراة محور التربية السوية والقويمة، فكلما كان البيت يحتوي على إمرأة تربي الأبناء وتهتم بهم، كلما وفرت لنا الخميرة البيتية التي ستمكن المواطن من ممارسة الحياة في ظروف افضل، دون أن يكون هناك مشاكل، وبذلك نكون أمام مجتمع افضل، فالمرأة نصف المجتمع إن لم نقل المجتمع كله وتربيتها للأبناء والإهتمام بالبيت سيجعل الأجيال مسلحين بالكثير من التربية الأسرية و الإجتماعية والنفسية التي تمنعهم من الإنحراف والإنجراف وراء ويلات ما يعيشه شبابنا اليوم.
أنا لا أنكر أن المراة نافست الرجل وتفوقت عليه في مختلف المجالات وأضحت تنقش إسمها بأحرف من ذهب في مختلف المجتمعات، لكن وبالرغم من هذا التقدم إلا أن المرأة وإن كانت قد وصلت إلى التحرر فقد فقدت من قيمتها الشيء الكثير، ولم تعد إمرأة بكل أنوثتها، بل أضحت مجرد آلة تنهك جسدها وتذوب أنوتثها، ويضيع شبابها أمام رغبتها اللامتناهية في الحصول على مكاسب جديدة.
فثورة المراة ثورة فاشلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بالرغم مما حققته من مكاسب، وما أفادت به المجتمع، فالسلبيات تفوق بكثير ما جنته المرأة، لقد فقدت هويتها ووجودها كأنثى وأضحت مجرد كاءن وكفى مجرد من كل شيء.