العراق.. كيف يسهم إقرار قانون الضمان الاجتماعي وتقاعد العمال في دعم القطاع الخاص؟
بغداد– أقر البرلمان العراقي مؤخرا قانون الضمان الاجتماعي والتقاعد للعمال بالقطاع الخاص، في خطوة عدتها الحكومة ركيزة أساسية ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي وعدت بها.
وذكر البرلمان العراقي على موقعه الرسمي أن القانون يهدف لشمول أوسع للعاملين في القطاعات الثلاثة (الخاص والمختلط والتعاوني)، وأن كل عراقي سيكون مشمولا بقانون العمل لضمان حياة كريمة للعمال وعائلاتهم.
وأضاف بيان البرلمان أن تشريع القانون “يأتي للتأكيد على المبادئ التي نص عليها الدستور، واستجابة لتطورات المرحلة الحالية ومواجهة الأزمات الاجتماعية، وتماشيا مع دعوة منظمة العمل الدولية بتوسيع قاعدة الحماية الاجتماعية لشمول فئات أوسع من شرائح المجتمع العراقي بالضمان الاجتماعي للعمال”.
ما أهم مواد القانون؟
وكشف المستشار القانوني علي التميمي أن القانون الجديد يتألف من 110 مواد، وينص على تشكيل هيئة خاصة للضمان الاجتماعي وصندوق خاص بتقاعد العمال مرتبط بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
وأوضح التميمي، في حديثه للجزيرة نت، أن القانون شمل فئات مجتمعية كانت مستبعدة من القانون السابق رقم 39 لعام 1971، مثل القطاعات العمالية غير المنظمة كأصحاب سيارات الأجرة والنساء اللاتي يعملن بالخياطة وأصحاب التجارة المتنقلة وغيرهم، ونص على استفادة هؤلاء بشرط دفع الاستحقاقات التقاعدية التي حددت بنسبة 7% مما يتقاضاه العامل بالقطاع الخاص، على أن يدفع صاحب العمل 8%.
من جانبه، أوضح المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية نجم العقابي أن إقرار القانون جاء تلبية لحاجة السوق العراقي بعد التغييرات الكبيرة التي شهدها الاقتصاد العراقي منذ تشريع القانون القديم عام 1971.
ما أهم المزايا؟
وفي تصريح خاص بالجزيرة نت، كشف العقابي أن القانون يضم امتيازات عديدة، من أهمها تخفيف الضغط على القطاع الحكومي ودعم القطاع الخاص بشكل مباشر، حيث ستتكافأ الفرص بين الحقوق والواجبات، وأشار إلى أن القانون أتاح لأي عراقي الدخول في مظلة الضمان الاجتماعي، مع إنصاف المرأة وشمول العمال المتقاعدين بالضمان الصحي.
وفصَّل القانون، وفق العقابي، العديد من النقاط الأخرى من بينها تخفيض نسبة العجز الجسدي للعمال من 35% في قانون عام 1971 إلى 30%، مبينا أن امتيازات القانون الجديد تكاد تكون أكبر من امتيازات قانون تقاعد موظفي القطاع العام.
من جانبه، أكد مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية، أن القانون الجديد سيتيح لموظفي الدولة الانتقال بكامل حقوقهم التقاعدية إلى القطاع الخاص والعكس.
ومن بين المزايا التي يتضمنها القانون ما أشار إليه المستشار القانوني علي التميمي بشأن تحديد تقاعد العمال المسجلين بعد 15 عاما من الخدمة، على أن يكون عمر المتقاعد 60 عاما للرجال و58 عاما للنساء، مبينا أن القانون نص على إمكانية شراء 5 سنوات خدمة من الدولة في حال كان عدد سنوات خدمة العامل 10 سنوات، شريطة دفع العامل المستحقات التقاعدية لصندوق تقاعد العمال لهذه السنوات الخمس.
ما السلبيات؟
وقد لا يكون القانون مثاليا، وفق ما يراه الخبير الاقتصادي محمد الحمداني الذي أورد بعض الثغرات، وقال “رغم أن القانون نص على إلزام مسؤولي القطاع الخاص والمصانع بتسجيل العمال، فإن المشكلة الكبرى تكمن برفض كثير من هؤلاء الالتزام بذلك، وهو ما يتطلب الكثير من الجهد الحكومي لتثقيف القطاع الخاص وإلزام مسؤوليه بضمان حقوق العاملين لديهم”.
وفي حديثه للجزيرة نت، أشار الحمداني إلى أن معرفة التفاصيل الدقيقة لآلية تنفيذ القانون الجديد لا تزال مبهمة، لا سيما أن القانون لم ينشر بعد في الجريدة الرسمية ولم تصدر حتى الآن التعليمات الخاصة بتنفيذه.
وردا على ذلك، يشير المتحدث باسم وزارة العمل إلى أن تنفيذ القانون سيكون على مرحلتين، وأن شركات القطاع الخاص ستخضع لإجراءات قانونية في حال عدم الإفصاح عن عدد العمال، مع إتاحة نظام إلكتروني للعمال لدفع ما بذمتهم لصندوق تقاعد العمال.
على الجانب الآخر، يرى الخبير الاقتصادي نبيل جبار العلي أن القانون الجديد يشكل قاعدة مهمة للقطاع الخاص، لأنه ينظم عمل القطاع الخاص وآلية تقاعد العمال، إلا أن السلبيات تتمثل بالنسب الكبيرة المفروضة على القطاع الخاص كمستحقات لصندوق التقاعد سواء للعامل أو صاحب العمل، فضلا عن إجبار أرباب العمل بالقطاع الخاص على تسجيل العاملين.
وعن هذه الحيثية، يرى العلي أن الترغيب بالشمول ضمن القانون أفضل من الترهيب، لا سيما أن حجم السوق غير النظامية واسع، وأن كثيرا من أرباب العمل الخاص يعملون بالحدود الدنيا للأجور، مع إشارته إلى أن القانون الجديد سيستقطع ما يقرب من راتبين اثنين من أجور العمال سنويا، في الوقت الذي لا يدفع فيه الموظف الحكومي أكثر من راتب واحد.
المصدر: الجزيرة