التعليم في سوريا .. عشرات المناهج وأدلجة الطلاب
التعليم في سوريا .. عشرات المناهج وأدلجة الطلابالتعليم في سوريا .. عشرات المناهج وأدلجة الطلاب
تقاسمت القوى المتصارعة في سوريا على كثرتها النفوذ و المساحات الجغرافية , لتعلن في معظمها إقامة دويلات في المناطق الخاضعة لسيطرتها بقوانين ومرجعيات مستقله , تختلف من مكان الى آخر بحسب المرجعية الفكرية أو العقائدية التي تنتهجها تلك المجموعات , لدرجه أنك تظن وأنت تتنقل داخل سوريا وبعد كل حاجز أنت خرجت من دولة إلى أخرى , ففي المناطق التابعة للمعارضة والمجموعات الإسلامية يوجد مجالس محلية مستقلة أو مجلس شورى في بعض الأحيان ومحكمه شرعية تنظم الأمور اليومية لسكان تلك المناطق وتعمل على حل النزاعات التي تنشب في تلك المناطق , بالإضافة الى قوى أمنية تختلف مسمياتها الا أن الهدف منها هو الحفاظ على الأمن في ظل انتشار السلاح , أما في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية فتعود السلطة في كل منطقة للقوة الأمنية المناط بها حماية الحي
ولم يكن قطاع التعليم بعيداٌ عن الأزمة السورية التي دخلت عامها الرابع دون بوادر حل قريب , فمنذ اندلاع الأزمة نال القطاع التعليمي في سوريا حصته من المشاكل التي تعاني منها سوريا , فناهيك عن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للقطاع التعليمي , واستخدام عدد منها كمقار أمينة أو سجون في بعض الأحيان , وتوقف عدد كبير من العاملين في حقل التعليم عن متابعة وظائفهم بسبب تدمر المدارس التي يدرسون بها أو بسبب انقطاع الرواتب , فقد امتنع الكثير من الأهالي عن إرسال أبنائهم الى المدارس بسبب تردي الأوضاع الأمنية في كثير من المناطق واستهداف المدارس أكثر من مره مما أدى الى مقتل عدد كبير من الطلاب ليبقى عشرات الآلاف من الطلاب دون تعليم .
أما المدارس التي استمرت في العمل رغم الظروف الصعبة , فقد كانت ضحية للإيديولوجيات المتصارعة داخل سوريا بكافة اشكالها ( أثنية – ثقافية – مناطقية .. )
ففي المناطق الخاضعة لسيطرت القوات الحكومية , وبعد التعديل على الدستور السوري وما تلاه فيما بعد من طرح دستور سوري جديد يزيح حزب البعث عن قيادة الدولة والمجتمع , عملت الحكومة السورية على الحد نوعاُ ما من ” التعبئة الحزبية ” التي كانت ركن أساسي في مواد التعليم الأساسي والجامعي ,مع الإبقاء على تمجيد القائد والتغني بإنجازاته المنقطعة النظير , لتبقى نظرية القائد الخالد هي السائدة وان تم إزاحة حزب البعث من الواجهة , ليخرج الطالب بقناعه أن الوطن هو القائد والعكس صحيح
أما في مناطق المعارضة فالأمر أكثر تعقيداُ , فرغم أن السياسية التعليمية المتبعة في مناطق المعارضة لا تختلف كثيراً عن مناطق النظام السوري , إلا أن مناطق المعارضة لا تخضع لقائد واحد لتتغنى به و ” لتغني ” المناهج ببطولاته وإنجازاته , كما أن الاختلاف الأيديولوجي يرخي بظلاله على المناهج المفروضة على الطلاب , فالمعارضة السورية بمختلف مشاربها وعلى الرغم من اتفاقها العلني على اسقاط النظام إلا أن الصراعات الداخلية بينها لا تقل حدة عن صراعها مع النظام السوري , وهذا يتكرس في المناهج التعليمية
وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها المعارضة السورية ممثلة بالائتلاف الوطني السوري لتوحيد المناهج المستعملة في المناطق التابعة للمعارضة السورية , الا أن تلك المناهج لم ترقى الى المستوى المطلوب , فباستثناء تركيا لم يتمكن الائتلاف من الحصول على اعتراف بالمناهج الجديدة أو بالشهادات الصادرة عن الائتلاف , بالإضافة الى التكلفة العالية التي كانت عقبة في إعادة تأهيل المرافق التعليمية وضعف الميزانية المرصودة لدفع رواتب المدرسين وطبع وتوزيع المناهج
وقد ظهر خلال السنوات الأربع من عمر الثورة السورية مبادرات فردية لإنشاء ” مدارس سورية ” في دول جوار سوريا , إلا أن العقبات التي واجهتها كانت كفيلة بإيقاف العديد منها , فناهيك عن التمويل المطلوب لاستمرار عمل تملك المدارس , كانت المشاكل البيروقراطية في تلك الدول العائق الأكبر , مع اضطرار بعض المدارس لاعتماد مناهج تلك الدول في التدريس لضمان حصول الطالب على شهادة معترف بها من تلك الدول , فيما يعاني السوريون في تلك الدول من إيجاد شعار في إحدى المدارس لتسجيل أبنائهم بها
وتتجلى مشكلة التعليم بشكل واضح في المناطق الخاضعة لسيطرة المجموعات الإسلامية المتشددة التي قامت بحذف العديد من المواد بحجج مختلفة , بين مخالفتها للشريعة الإسلامية او عدم أهميتها , بالإضافة الى ادخال ثقافة غريبة على أهالي تلك المناطق , وعملها على أدلجة التعليم , عملاُ على تهيئة بيئة حاضنه لوجودها في تلك المناطق بين جيل الشباب اليافع ليكون جاهزاُ للانخراط مستقبلاُ في مشاريعها التي تسعى الى تطبيقها في تلك المناطق والمناطق المحيطة بها
بحسب آخر تقرير للأمم المتحدة يقدر عدد الطلاب السوريين المتوقفين عن التعليم بثلاثة ملاين طفل , وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة أصدرت توصيات بتحييد قطاع التعليم في سوريا عن الصراع, إلا أنها بقيت حبراُ على ورق في ظل عجرها عن دفع أي من أطراف النزاع على تنفذ تلك التوصيات , أو إيجاد آلية لفرض تلك التوصيات على جميع الأطراف .