الانعكاسات المحتملة للانتخابات البرلمانية البولندية بين آمال الحزب الحاكم ومخاوف المعارضة
لقد مرّ بعض أيام منذ الانتخابات البرلمانية في بولندا في يوم الاحد 13 أكتوبر. بعد 4 سنوات من حكم حزب القانون والعدالة (PIS) حشد الناخبون من كلا الطرفين ما أدى الى النسبة العالية للإقبال على التصويت أي 61,74% (بالمقارنة – في الانتخابات البرلمانية في عام 2015 كان الاقبال على التصويت على المستوى 50,92%). بشكل عام، أكّدت 4 سنوات حكم الحزب المذكور اقتناعات أنصاره وفي نفس الوقت أكّدت مخاوف المعارضين.
برغم من عدم رضا زعيم القانون والعدالة ياروسواف كاتشينسكي عن نتيجة حزبه، ففاز هذا الحزب فوزاً عظيماً حاصلاً على 43,59 % من الأصوات ما يعطيه 51,09 % أماكن في مجلس النواب ويمكّنه من الحكم المستقل. كثير من قرارات الحزب الحاكم في دوره السابق كانت مثيرة للجدل وبدأت احتجاجات عامة (ومنها اصلاح السلطة القضائية، اصلاح نظام التعليم، محاولات تقديم المنع الاطلاق للإجهاض الخ) وكذلك عضاء الحزب كانوا يشاركون في عدة الفضائح (الافتراء على القضاة من الجهة المعارضة، بيت المتعة في عقار رئيس غرفة المراقبة العالية، قطع الأشجار في الغابات الوطنية على نطاق واسع الخ) وكذلك تدهور موقف الدولة على المشهد الدولي بشكل واضح بسبب عدم أي مهارة في العلاقات الخارجية. ولكن في نفس الوقت قدم الحزب عدة البرامج لدعم العائلات والمواطنين (خاصة دعماً مادياً) ويبدو أن تركيزه على شؤون المواطنين العاديين ضمنت فوزه.
الخاسر الأكبر هو التحالف المدني (Koalicja Obywatelska) أي المعارضة المباشرة للحزب الحاكم المسمى بها عادة بـ: تحالف ضد حزب القانون والعدالة لأن يبدو أن البرنامج الوحيد لهم هو عزله من السلطة. ولكن الشعور العام هو أن ليس لهذا التحالف فكرة بمستقبل الدولة بعد التخلص من القانون والعدالة (وبعد المقاضاة على جرائمهم طبعاً وهو بالضبط حلم المعارضة). مع كل ذلك، حصل التحالف على 27,40% أصوات وهذه النتيجة، تحت 30%، تدل بوضوح على تعب الناخبين بهذا التشكيل السياسي وعرضه وبشكل خاص بعدم حب زعيمه جشيجوش سخيتينا. الجائزة الترضية هي فوز المعارضة في مجلس الشيوخ ما يعطي لها إمكانية ابطاء عملية التشريع ومراقبة المسؤولين المنتخبين لأنهم يقدمون التقارير من عملهم أمام مجلس الشيوخ. في حالة أن مرشح المعارضة سوف يصبح رئيس الدولة فلهم جميعا إمكانية منع القوانين الجديدة على أساس النقض الرئاسي وقبول هذا النقض من قبل مجلس الشيوخ.
ما يسعدني هو أن كثير من البولنديين رفضوا أن يختروا، كما نقول، “أقل الشر” (ما يعني اختيار الحزب غير المحبوب ولكن أفضل من الحزب الثاني – وكان الاختيار لوقت طويل بين PIS وPO – الحزب الذي بدأ التحالف المدني). الدليل لذلك هو رجوع اليسار الى البرلمان (وذلك بأخذ 12,56% أصوات) والنتيجة الجيدة على نحو مفاجئ لحزب الشعب البولندي (PSL) جميعا مع أنصار بافيو كوكيز. سواء الاتفاق اليساري وتحالف PSL وKukiz تشكيلان متنوعان داخلياً وتعاملهما في البرلمان يثير الاهتمام. يبنى الاتفاق الياسري ثلاثة أحزاب – تحالف اليسار الديمقراطي (SLD) حزب ما بعد الشيوعية، معاً (Razem) – حزب اليساريون الشباب والربيع (Wiosna)… ومن الصعب أن يقول ما هو بالضبط ولكننه تشكيل على الجهة اليسارية من المشهد السياسي. وليس واضحاً ما هو أساس التعاون بين PSL وKukiz وإذا سوف يصوتان بالإجماع في مجلس النواب.
دخل البرلمان كذلك الحزب اليميني المتطرف – العنصري، المعاد للسامية وكارهي النساء – Konfederacja. من المتوقع أنه سوف يتفق مع حزب القانون والعدالة وسيدعمه في حكم الدولة. يعكس Konfederacja أسوأ الميول في المجتمع البولندي وهو خليط الشخصيات غريبة الأطوار والمثيرة للجدل.
على كل حال، اخترنا ممثلينا للبرلمان ويجب علينا أن نعيش بهذا الخيار. يمكن البرلمان أكثر متنوعاً أن يكون تمثيل الشعب البولندي أفضل ولكن يمكن أن يكون مكان المزيد من المشاجرات الساخنة كذلك. باختصار، بداية عمل البرلمان الجديد سوف يثير الاهتمام دون شك لأنه مختلف بشكل كبير من البرلمان السابق.