“أخوة المنهج” حقيقة أم مبالغة !
صفة أخوة المنهج تطلق على الجماعات الإسلامية ” المتشددة ” على مختلف تسمياتها , في كناية عن أن جميع هذه المجموعات رغم الخلافات الظاهرة فيما بينها , إلا أن جميعها يتبع نفس المنهج الفقهي في إدارتها للمناطق التي تسيطر عليها , والذي يتسم عادة بالتشدد في تطبيق الشريعة الإسلامية , واصرارها على تطبيق الحدود الشرعية لتقويم المجتمع بحسب ادعائها .
بداية التسمية كانت مع بداية نشوب الخلاف بين جبهة النصرة التي تجاهر بانتمائها الى القاعدة , وبين الدولة الإسلامية في العراق والشام التي أعلنت انفصالها عن القاعدة الأم , وتأسيس تنظيم جديد في سوريا والعراق .
وعلى الرغم من أن الخلافات بين التنظيمين وصلت الى حد نشوب معارك ضارية بينهم , الا أن إدارتهم للمناطق الخاضعة لسيطرتهم , ونظرتهم لمستقبل سوريا كانت متشابه الى حد التطابق في العديد من النقاط , ما دفع بمراقبي الوضع السوري على إطلاق تسمية أخوة المنهج على تلك الجماعات , في إشارة الى أن النزاع يقتصر على كونه مرتبط بالسلطة فقط وليس على المنهج .
ولم تنحصر التسمية بجبهة النصرة والدولة الإسلامية فقط , بل باتت تطلق ايضاُ على حركة أحرار الشام الإسلامية , التي وإن لم تعلن انتمائها الى القاعدة بشكل مباشر , الا أن العلاقة بين القاعدة والحركة واضحة جداً , فعندما قرر أيمن الظواهري إرسال مبعوث الى سوريا ( أبو خالد السوري ) لحل الخلاف بين جبهة النصرة والدولة الإسلامية , تم إرساله الى حركة أحرار الشام لتكون إقامته في مقراتهم , ليتم فيما بعد اغتياله في عملية تفجير اشارت أصابع الاتهام في حينها الى أن منفذها ينتمي الى تنظيم الدولة الإسلامية .
أساس الخلاف بين الدولة الإسلامية وبقية الجماعات الإسلامية , يتلخص في اتهام المجموعات الإسلامية المقاتلة في سوريا للدولة الإسلامية بـ ” الغلو ” في تطبيق الشريعة الإسلامية , وتصريحات العديد من أمراء الدولة الإسلامية التي اتهمت الجيش السوري الحر وفي بعض الأحيان جميع السوريين بالضلال , بل ان بعض التصريحات وصلت الى حد تقديم محاربة الجيش الحر على محاربة جيش النظام السوري .
إلا أن باقي الجمعات الإسلامية كانت تتصرف بطريقة مشابهة , وإن لم يكن بصورة علنية كما فعلت الدولة الإسلامية , فقد حشدت جبهة النصرة أكثر من مرة لمحاربة جبهة ثوار سوريا , ولولا الوساطات التي تمت في اللحظة الأخيرة لكان القتال مستمراُ حتى اليوم , إضافة الى أن جبهة النصرة و حركة أحرار الشام , اشتبكت أكثر من مرة مع مجموعات من الجيش الحر بحجج مختلفة , تتراوح بين التهريب والسرقة , وانتهائها بتهمة الإفساد في الأرض , كما أن هذه الجماعات تشترك مع تنظيم الدولة في إدارة مناطقها بطريقة مستوحاة من ” الشريعة الإسلامية ” على حد ادعائهم .
كما أن سجون الجماعتين تعج بعدد كبير من معتقلي الرأي , الذين تم اعتقالهم بسبب انتقادات وجهوها الى تلك الجماعات , كان آخرهم اعتقال أعضاء تنسيقية بنش من قبل حركة أحرار الشام , ليتم اطلاق سراحهم لاحقاً بعد اجبارهم على نشر اعتذار من الحركة على صفحتهم على فيس بوك .
كما كان لغارات التحالف التي طالت مواقع الدولة الإسلامية في كل من العراق والشام الدور الأكبر في إعادة تقريب وجهات نظر من جديد بين الدولة الإسلامية وباقي الفصائل الإسلامية في سوريا , فمعظم الجماعات الإسلامية تنظر بعين الريبة الى التدخل الأجنبي في سوريا , خاصة بعد أن طالت ضربات التحالف مقرات لجبهة النصرة في ادلب , والأخبار الواردة عن نية عدد من الدول العربية والأجنبية تدريب مجموعات معينة من الكتائب المسلحة التابعة للمعارضة والتي تصفها تلك الدول بـ ” المعتدلة ” بهدف محاربة الإرهاب في سوريا , في الوقت الذي تدرج فيه الولايات المتحدة الأمريكية جبهة النصرة وحركة أحرار الشام على قوائم الإرهاب .
فقد أعلنت معظم المجموعات الإسلامية في سوريا إيقاف حربها على الدولة الإسلامية , بدعوى أنهم لن يكونوا عوناً ” للصليبيين ” في حربهم على الإسلام , وان كانت هذه الجماعات لا تزال تجاهر في عدائها للدولة الإسلامية , الا أن الأمر اليوم بات مقتصر على التصريحات والبيانات المتبادلة بين الطرفين , دون أي تنازع على مناطق النفوذ .
تشترك الجمعات الإسلامية في سوريا في أسلوبها المتشدد في تطبيق الشريعة الإسلامية , في ظل تسجيل العشرات من حالات تطبيق ” الحدود ” الإسلامية في مناطق سيطرتهم , كما أنها تشترك في هدف إقامة دولة إسلامية على انقاض دولة البعث لتكون الخطوة الأولى على طريق إحياء الخلافة الإسلامية , وإن كانت تختلف في سياستها المتبعة للوصول الى هدفها , الا أنها تجتمع على الهدف ذاته , لتبقى صفة ” أخوة المنهج ” محل جدل الى أن تحسم الأيام القادمة الخلاف بينهم الى انتصار أحد الأطراف على الآخر أو العمل معاً بغية تحقيق الهدف المشترك